الجمعة، 6 يونيو 2014

"أطفال قد الحياة" حدوتة إيجابية

"أقسم بالله العظيم أنا (طفل قدّ الحياة) أن أتمسك بحقي في حياة سوية وآمنة، وأسعى لتحقيق أحلامي كاملة، متحلياً بالأخلاق الفاضلة، رافعاً علم بلدي مصر عالياً"..
بكل حماس يخرج هذا القسم من بين شفتي مجموعة من الأطفال ليتردد صداه في محيط دار الإقامة التابعة لمشروع (أطفال قدّ الحياة) لرعاية أطفال الشوارع وتأهيلهم.
وتعد ظاهرة أطفال الشوارع من الظواهر الخطيرة التي تهدد المجتمع المصري؛ لما يترتب على وجودها من ممارسات سلبية، أكثرها انتشاراً: ما تقوم به العصابات الإجرامية من استخدام هؤلاء الأطفال لتحقيق مصالحها بدفعهم إلى التسول أو السرقة، وهنا تظهر ضرورة المشاركة المجتمعية في المشاريع والمبادرات الإيجابية التي تعمل على حل هذه المشكلة، وأبرزها مشروع (أطفال قدّ الحياة) التابع لجمعية رسالة للأعمال الخيرية.
تبدأ الخطوة الأولى في العلاقة بين المشروع وأطفال الشوارع عن طريق حملات الجذب التي تذهب إليهم في أماكن تجمعاتهم، مصحوبة بأشياء محببة إلى الأطفال كالوجبات الغذائية والألعاب؛ بهدف كسب ثقتهم، فيلبوا دعوة المتطوعين لهم إلى زيارة أحد مراكز الاستقبال القريبة من محيط انتشارهم، والبالغ عددها عشرة مراكز موزعة على ست محافظات.
مع وصول الطفل إلى مركز الاستقبال تملأ استمارة بيانات أولية تهدف إلى معرفة السبب الذي دفع به إلى الشارع، فبعض الأطفال تكون هناك فرصة جيدة لإعادتهم إلى منازلهم، بعد علاج المشكلة التي أدت لتحولهم إلى أطفال شوارع.
وتؤدي مراكز الاستقبال دور إيجابي مؤثر من خلال توعية الأطفال المستضافين بأضرار السلوكيات الخاطئة التي يمارسونها في الشارع وتأثيرها عليهم في المستقبل، وإخراجهم من بيئة الشارع السلبية بعدة طرق، مثل: اصطحابهم في رحلات ترفيهية، أو إلحاقهم بأحد النوادي الرياضية.
وعندما تطول فترة تردد الطفل على مركز الاستقبال، ولا تنجح محاولات إعادته إلى المنزل، حينها يُحوَّل إلى واحدة من دور الإقامة الدائمة الثلاثة الموجودة في محافظتي القاهرة والجيزة، وفيها يعالج الطفل نفسياً من التجارب المؤذية التي تعرض لها في الشارع، وأيضاً يعاد إلحاقه بالتعليم.
ولا يكتفي مشروع (أطفال قدّ الحياة) بإيواء الأطفال بشكل تقليدي، ولكن يبتكر طرقاً مبتكرة لبث الروح الإيجابية فيهم، أقربها إلى نفوسهم: الورش الفنية التي يقوم بتنفيذها مسئولو اللجنة الفنية الذين يختصون بتنمية الحس الفني، وزيادة قدرات الأطفال الإبداعية التي تظهر في أعمالهم المختلفة، فتلقى إعجاب زوار المعارض المقامة لعرض المشغولات الفنية المنفذة بأيدي أطفال الشوارع الذي أصبحوا (أطفال قدّ الحياة).
ومن يشاهد متطوعي مشروع (أطفال قدّ الحياة) سيرى نماذج حية رائعة للإيجابية في المجتمع المصري؛ لكونهم الضلع الأكثر أهمية وفعالية في المشروع، ويخضع هؤلاء المتطوعون للتدريب عن طريق دورات متخصصة في كيفية التعامل مع طفل الشارع؛ ليتمكنوا من استيعابه بشكل صحيح، ويساهم المتطوعون بشكل فعال في تجفيف المنابع المسببة لانتشار أطفال الشوارع المتزايد، حيث إنهم لا يكتفون فقط بدورهم في التعامل مع الأطفال، بل يقومون بدور آخر بالغ الأهمية، وهو توعية المجتمع المصري بظاهرة أطفال الشوارع وتصحيح نظرة المجتمع إليهم، من مجرمين يستحقون العقاب إلى ضحايا ظروف قاسية يستحقون مد يد العون لهم.
ومثلما كانت بداية مشروع (أطفال قدّ الحياة) بمثابة الشمعة التي أنارت وسط الظلام الدامس، فتكاثرت الشموع لتصبح كتلة ضوئية ينتشر شعاعها في شوارع أكثر من مدينة مصرية، سيأتي اليوم الذي تتحول فيه الطاقة الإيجابية لهذا المشروع وغيره من المشاريع العاملة على القضية نفسها إلى شمس ساطعة تشرق على مصرنا الحبيبة بجعلها خالية من أطفال الشوارع.